مقدمة
يُعد النوم حجر الأساس للصحة النفسية والجسدية، إذ يؤثر بشكل مباشر على القدرات الإدراكية، المزاج، ومستوى الطاقة. ورغم أن النوم يبدو عملية بسيطة، إلا أن له تعقيدات نفسية وعصبية تتعلق بوظائف الدماغ والهرمونات. يعاني كثير من الأشخاص من اضطرابات النوم، مما يؤدي إلى مشكلات صحية تؤثر على جودة الحياة بشكل عام.
في هذا المقال، سنستعرض سيكولوجية النوم من منظور علم النفس وعلم الأعصاب، موضحين مراحل النوم، تأثيره على الصحة، والعوامل التي تؤثر في جودته، بالإضافة إلى استراتيجيات فعالة لتحسين النوم.
ما هي سيكولوجية النوم؟
تتعلق سيكولوجية النوم بدراسة العوامل النفسية والفيزيولوجية التي تؤثر على النوم، بما في ذلك العمليات العصبية، الهرمونية، والسلوكية. فالنوم ليس مجرد استراحة للجسد، بل هو عملية ديناميكية يمر خلالها الدماغ بمراحل مختلفة تضمن استعادة النشاط وتحفيز وظائف الذاكرة والإبداع.
مراحل النوم ودور كل مرحلة
يمر النوم بخمس مراحل رئيسية موزعة بين النوم غير الحالم (Non-REM) والنوم الحالم (REM). هذه المراحل تتكرر في دورات تستغرق كل منها حوالي 90 دقيقة.
1. المرحلة الأولى (الانتقال إلى النوم)
- تستمر لعدة دقائق فقط.
- يتباطأ معدل ضربات القلب والتنفس.
- يشعر الشخص بالاسترخاء لكنه قد يستيقظ بسهولة.
2. المرحلة الثانية (النوم الخفيف)
- تُشكل حوالي 50% من إجمالي النوم.
- يبدأ الدماغ في تقليل النشاط الكهربائي.
- تقل حركة العينين ويصبح الجسم أكثر استرخاءً.
3. المرحلة الثالثة والرابعة (النوم العميق)
- تُعرف باسم “النوم البطيء” أو “النوم العميق”.
- تتميز بموجات دماغية بطيئة.
- هذه المرحلة مسؤولة عن التعافي الجسدي، تعزيز جهاز المناعة، وإفراز هرمونات النمو.
4. مرحلة النوم الحالم (REM)
- تحدث بعد حوالي 90 دقيقة من بدء النوم.
- تنشط فيها مناطق الدماغ المرتبطة بالتعلم والذاكرة.
- تحدث فيها معظم الأحلام، وتزداد فيها حركة العين السريعة.
- هذه المرحلة مهمة لصحة الدماغ وتنظيم العواطف.
لماذا نحتاج إلى النوم؟
النوم ليس مجرد راحة للجسد، بل هو ضرورة حيوية لوظائف الدماغ والصحة العامة. ومن أبرز فوائده:
1. تحسين الصحة النفسية والعاطفية
يساعد النوم على تنظيم العواطف وتقليل مستويات القلق والتوتر. الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم يكونون أكثر عرضة للاكتئاب واضطرابات القلق.
2. تعزيز وظائف الدماغ والإدراك
يساعد النوم العميق على تحسين التركيز، التعلم، والذاكرة. فهو يُعتبر الوقت الذي يقوم فيه الدماغ بترتيب المعلومات وتعزيز الروابط العصبية.
3. دعم صحة القلب والجهاز المناعي
يرتبط قلة النوم بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري، كما أنه يضعف الجهاز المناعي ويجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى.
4. تحسين الأداء البدني والتعافي
يُعد النوم عاملاً رئيسياً في استعادة العضلات بعد التمارين الرياضية، إذ يفرز الجسم هرمونات النمو خلال النوم العميق.
أسباب اضطرابات النوم
هناك العديد من العوامل النفسية والجسدية التي تؤثر على جودة النوم، منها:
1. التوتر والقلق
يُعد التوتر أحد أكبر العوامل التي تمنع النوم العميق، حيث يؤدي إلى ارتفاع هرمون الكورتيزول الذي يحفز اليقظة.
2. التكنولوجيا والإضاءة الزرقاء
الاستخدام المفرط للهواتف الذكية والشاشات الإلكترونية قبل النوم يعطل إنتاج الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم دورة النوم.
3. نمط الحياة غير الصحي
- تناول الكافيين أو النيكوتين قبل النوم.
- عدم ممارسة الرياضة بانتظام.
- اتباع نظام غذائي غير متوازن.
4. اضطرابات النوم الشائعة
- الأرق (Insomnia): صعوبة النوم أو الاستيقاظ المتكرر خلال الليل.
- انقطاع النفس النومي (Sleep Apnea): توقف مؤقت للتنفس أثناء النوم بسبب انسداد مجرى الهواء.
- متلازمة تململ الساقين (RLS): رغبة لا تقاوم في تحريك الساقين عند الاستلقاء للنوم.
كيف تحسن جودة نومك؟
لضمان نوم مريح وصحي، يمكن اتباع بعض الاستراتيجيات المدعومة علمياً:
1. الالتزام بجدول نوم منتظم
يُفضل الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت يومياً، حتى في العطلات، للحفاظ على إيقاع الساعة البيولوجية.
2. تجنب الكافيين والمنبهات في المساء
يُنصح بعدم تناول المشروبات الغنية بالكافيين بعد الساعة 4 مساءً، حيث تبقى آثارها في الجسم لساعات.
3. تقليل التعرض للضوء الأزرق
تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل، أو استخدام نظارات تصفية الضوء الأزرق.
4. ممارسة التأمل وتقنيات الاسترخاء
يمكن لممارسة التأمل، التنفس العميق، أو اليوغا قبل النوم أن تساعد في تقليل التوتر وتحفيز النوم العميق.
5. خلق بيئة نوم مثالية
- اجعل غرفتك مظلمة وهادئة.
- استخدم وسادة ومرتبة مريحة.
- حافظ على درجة حرارة الغرفة بين 18-22 درجة مئوية.
6. ممارسة الرياضة بانتظام
تساعد التمارين الرياضية في تحسين جودة النوم، ولكن يُفضل ممارستها في الصباح أو بعد الظهر، وليس قبل النوم مباشرة.
7. الاستشارة عند الحاجة
إذا كنت تعاني من مشكلات نوم مستمرة، فمن الأفضل طلب استشارة من مختص في النوم أو طبيب نفسي للحصول على توجيه متخصص.
خاتمة
سيكولوجية النوم تُعد من أهم العوامل التي تؤثر على الصحة العقلية والجسدية. فهم كيفية تحسين النوم يساعد في تحسين الأداء اليومي وتقليل مخاطر الأمراض النفسية والجسدية. إذا كنت تعاني من مشاكل في النوم، فلا تتردد في طلب المساعدة من مختص عبر منصة نصغي، حيث يمكنك الحصول على استشارة احترافية لتحسين جودة نومك وحياتك.
المراجع:
احجز جلستك عند الأخصائي النفسي/ د. مشاري بن سليم
0 تعليق