مقدمة
هل تعلمين أن ما يقارب 50– 70% من الأمهات يعانين من مشاعر كآبة، تبدأ غالباً بعد الولادة وتستمر أسبوعين تقريبًا ولا تعيق الأم عن العناية بنفسها أو العناية بطفلها، و تتلاشى تلك الحالة المزاجية السيئة بمرور الوقت ، وتعرف بأنها اكتئاب النفاس او باللغة الانجليزية بـ Blues Baby ، ولكن الحالة الأكثر حدة وخطورة من الكآبة النفاسية هي اكتئاب ما بعد الولادة وذلك لأنها تستمر لشهور طويلة، وتكون أعراض الاكتئاب أكثر وضوحاً وخطورة هذا الاضطراب النفسي يصيب حالة واحدة من كل 7 أمهات جدد وقد يدفع الأم لإلحاق الأذى بنفسها أو بطفلها.
تعريف اكتئاب ما بعد الولادة
يعرف اكتئاب ما بعد الولادة أنه اضطراب نفسي حاد يصيب الأم بعد الولادة مسبباً شعور متواصل بالحزن ونوبات البكاء والهلع يستمر لفترة طويلة قد تصل إلى شهور متواصلة. ويعد اكتئاب ما بعد الولادة أحد مضاعفات الولادة لدى الأمهات الحديثات، وقد تكون له عواقب وخيمة قد تؤثر بشكل سلبي على علاقة الأم بطفلها إذا لم يتم علاجه أو التعافي منه بسرعة
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
تتأجج مشاعر الأم وتختلط في أواخر الحمل أو بعد الولادة مباشرة، وينتج عن ذلك أعراض الاضطرابات النفسية الآتية:
- القلق وانعدام الثقة بالنفس والشعور بعدم القدرة على العناية الطفل
- تقلب المزاج والشعور بالضيق والضجر
- سرعة الشعور بالغضب والاستثارة بدون أسباب منطقية
- تقلبات الشهية إما بتجنب الطعام أو الإفراط في تناول كميات كبيرة منه
- الأرق وعدم القدرة على النوم العميق
- البكاء المتواصل والشعور بالحزن الشديد
- انعدام الرغبة في الاهتمام بالنفس أو العناية بالطفل وترك المهام اليومية
- الإرهاق العام والشعور بالتعب وانعدام الطاقة
- أفكار سلبية حول إيذاء النفس وإيذاء الطفل
مدة اكتئاب ما بعد الولادة
تختلف مدة الكآبة النفاسية عن مدة اكتئاب ما بعد الولادة، فكآبة النفاس تصيب فئة كبيرة من النساء وتبدأ بعد الولادة مباشرة وتستمر لمدة أسبوعين وتكون الأعراض أخف وأقل حدة وخطورة وتتلاشى بشكل تلقائي دون تدخل طبي في أغلب الأحيان
أما اكتئاب ما بعد الولادة فإنه يبدأ بعد حوالي أسبوعين من الولادة وتستمر الأعراض لأسابيع طويلة قد تتلاشى وتخف حدتها تدريجياً وقد تزداد خطورة إذا لم يتم اتباع الإرشادات الطبية
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة
تعد فترة ما بعد الولادة من الأوقات الحرجة التي قد تواجه فيها الأم صعوبات نفسية وجسدية عديدة، مما قد يؤدي إلى شعورها بالاكتئاب. فيما يلي قائمة بالعوامل التي تساهم في ظهور اكتئاب ما بعد الولادة.
- التغيرات الهرمونية بعد الولادة:
تمر المرأة بتقلبات هرمونية شديدة بعد الولادة، مما قد يؤثر سلباً على الحالة المزاجية ويسبب الاكتئاب. - الإرهاق والإجهاد البدني والنفسي:
التعافي من الولادة، سواء كانت طبيعية أو قيصرية، إلى جانب العناية بمولود جديد يمكن أن يكون مرهقاً للغاية. - قلة الدعم الاجتماعي:
نقص الدعم من الأسرة، الأصدقاء، أو الشريك يمكن أن يزيد من شعور العزلة والضغط، مما يؤدي إلى اكتئاب ما بعد الولادة. - التغيرات في نمط الحياة ومسؤوليات الأمومة:
التحول في الهوية والمسؤوليات بعد الولادة قد يكون صعباً، إذ قد تشعر الأم بالضياع أو الإرهاق جراء ذلك. - القلق بشأن قدرتها على الرعاية:
الشكوك حول القدرة على رعاية المولود وتوفير ما يحتاجه قد تؤدي إلى الشعور بالقلق والإحباط. - تجارب الولادة الصعبة أو المرهقة:
تجربة ولادة صعبة أو مؤلمة قد تترك أثراً نفسياً سلبياً يسهم في الشعور بالاكتئاب بعدها. - العلاقات الأسرية المتوترة :
تعد الخلافات الأسرية أحد أسباب تدني الحالة النفسية للأم حيث تميل إلى الحزن والشعور بفقدان الثقة والأمان مما يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب. - تاريخ طبي بالإصابة بالاكتئاب :
يزداد احتمال إصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة عند وجود تاريخ طبي بالاكتئاب أثناء فترة الحمل أو قبل الحمل.
تأثير اكتئاب ما بعد الولادة على الأسرة
يؤثر اضطراب اكتئاب ما بعد الولادة بطريقة سلبية واسعة النطاق، ليس فقط على الأم بل أيضًا على الطفل والأسرة بشكل عام ويظهر ذلك جلياً في كل من :
- عدم قدرة على العناية بنفسها أو بطفلها
وذلك لأن الأم تتغلب عليها مشاعر الحزن والتوتر والضغط النفسي و تنتابها أفكار سلبية مبالغ فيها حول طفلها
- صعوبة إقامة علاقة عاطفية قوية بين الأم والطفل
مما يمكن أن يؤثر على التطور العاطفي والسلوكي للطفل ومن ثم يزداد الشعور بالذنب لدى الأم وتزداد حدة الاكتئاب
- زيادة التوتر والضغوط داخل الأسرة
حيث يمتد التوتر إلى الزوج والأبناء كنتيجة للتأثر بغياب دور الأم وعدم قدرتها على القيام بالمهام المنزلية بالشكل المطلوب
متى تلجأ الأم إلى طلب الدعم النفسي من مختص
تمر معظم الأمهات بحالة نفسية سيئة بعد الولادة حيث يكون الجسم في أضعف حالاته وتزداد المسئوليات على الأم وتزداد حدة الهرمونات، ولكن أغلب هذه الحالات تتحسن تدريجياً مع الوقت بدون تدخل طبي، أما إذا استمرت الأعراض لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة ولاحظت الأم زيادة حدة الأعراض فينبغي عليها طلب استشارة نفسية من مختص وذلك لتدارك الأمر مبكراً كي لا يزداد التأثير السلبي على كل من الأم والطفل والأسرة بأكملها
طرق علاج اكتئاب ما بعد الولادة
تتنوع تقنيات علاج اكتئاب ما بعد الولادة بشكل كبير فقد يقرر المختص النفسي استخدام بعض تلك العلاجات أو استخدامها جميعاً للوصول لأفضل نتيجة وذلك حسب حدة وخطورة الاكتئاب
اولاً العلاج النفسي: يشمل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج النفسي التفاعلي، وهو يساعد الأم في التعامل مع مشاعرها وتحسين طرق تفاعلها مع الطفل والأسرة بطريقة إيجابية
ثانياً العلاج الدوائي: يمكن وصف مضادات الاكتئاب بعد تقييم الطبيب للحالة، خاصة إذا كانت الأعراض متوسطة إلى شديدة ولا تتحسن مع أشكال العلاج الأخرى، تجدر الإشارة هنا إلى ضرورة تجنب أخذ أية أدوية بدون استشارة طبيبك لتجنب أية مضاعفات لكِ أو لصغيرك.
ثالثاً الدعم الاجتماعي والأسري:
يلعب الدعم المعنوي من الزوج والعائلة والأصدقاء دورًا حيويًا في التعافي، حيث يمكن للتواصل ومشاركة التجربة مع أمهات أخريات مررن بنفس التجربة من تخفيف حالة القلق والتوتر وتحسين الحالة المزاجية بشكل ملحوظ.
رابعاً العلاجات الطبيعية والتكميلية: تشمل تقنيات التأمل واليوغا والأعشاب التي قد تساعد في تخفيف أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، لكن يجب استشارة الطبيب قبل تجربتها.
خامساً اتباع نمط حياة صحي : مثل الحرص على تناول غذاء صحي غني بالفيتامينات والمعادن لتعويض الجسم عما خسره أثناء فترة الحمل، كما أن أخذ قسط كافي من النوم والراحة يساعد على الاسترخاء والهدوء وتحسن الحالة النفسية
وختاماً
تتطلب كل هذه الطرق متابعة مع متخصصين في الصحة النفسية والطبية لضمان الحصول على العلاج المناسب وفقًا لاحتياجات كل حالة. من المهم التذكير بأن البحث عن المساعدة هو خطوة مهمة نحو التعافي، لذلك توفر منصة نصغي للاستشارات النفسية إمكانية حجز جلسة حضورية أو اونلاين مع أحد أخصائيي الدعم والإرشاد النفسي
المراجع:
0 تعليق